شعار الموقع
تقرير جامع الرسول الأعظم الليلة الخامسة من المحرم (تغطية مصورة)
admin 2011-12-01
عدد القراءات « 528 »

 

إعداد اللجنة الإعلامية بالجامع
تصوير (عبدالواحد محفوظ)



الأحزان تتوالى على قلب سيد الشهداء والأحبة تتهاوى في أحضان الحور العين في رياض الجنان بعد أن أدت ما عليها من دورٍ عظيم أعانت به نصرة المظلوم
والبارحة شيعة الإمام الحسين عليه السلام كانت على موعد وهو وصول الإمام الحسين(عليه السلام) إلى كربلاء ، وفي طريق كربلاء قام الإمام الحسين(عليه السلام) خطيباً ـ وهو في طريقه إلى كربلاء ـ، موضّحاً لأصحابه المصير الذي ينتظرهم، فقال(عليه السلام):
«إنّه قدْ نَزَل بنا من الأمر ما قد تَرَون، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبَر مَعروفُها، واستمرّت حذّاء، ولم تبقَ منها إلّا صبابة كَصبابة الإناء، وخَسيس عَيشٍ كالمَرْعى الوَبيل، ألاَ تَرَون إلى الحقِّ لا يُعمَل به، وإلى الباطلِ لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمنُ في لقاء ربِّه مُحقّاً، فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلّا بَرَماً ـ أي مللاً ـ».
نزل الإمام الحسين(عليه السلام) أرض كربلاء، وضَرَب فسطاطه، وراح يُعدُّ سلاحه، ويصلح سيفه، مُردّداً(عليه السلام) الأبيات الآتية:
يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ ** كمْ لك بالإشرَاقِ والأصيلِ
مِن طَالبٍ وصَاحبٍ قَتيل ** والدّهْر لا يقنعُ بالبَديلِ
وكُلّ حيٍّ سَالِكٌ سَبيلِ ** مَا أقرَبَ الوَعْد مِن الرّحيل
وإنّما الأمرُ إلى الجَليلِ
فلمّا سمعت السيّدة زينب(عليها السلام) تلك الأبيات، قالت: «يا أخي! هذا كلام مَن أيقَن بالقَتل»! فقال(عليه السلام): «نَعَمْ يا أُختَاه»، فقالت: «وَاثكْلاه، يَنعي الحُسَين إليّ نَفسَه».
وهكذا العبرات والحسرات في جامع الرسول الأعظم، دموع وعبرات آهات وحسرات علت في جميع انحاء الجامع فهذه دموع حارة دموع من نوع خاص دموع من الدم من قلوب تفطرت الم وحسره دموع خلدها لنا الزمن على مر العصور من قصص تدمي القلوب الحية إنها دموع الإمام الحسين الإباء والأمهات والاطفال أباء يانون وأمهات ثكالى يبكون من الم.
وكان موضوع هذه الليلة تحت عنوان (مفهوم التدين الناقص) وبدا سماحة الشيخ شاكر صالح المعلم محاضرته بذكر الآية الكريمة (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ) والحديث عن التدين، ركزها سماحته على محاورين اساسين:
في ماذا ينبقي التدين.
واصناف التدين.
والتدين الصحيح هو اللبنة البسيطة والفطرة السليمة إذا أوصلتها عقدة التوحيد نقية صافية سهلة يسيرة إنه البساطة والشفافية والتلقائية إذا مستها روح الإيمان وقوة اليقين بالله وسمو المعرفة به سبحانه وتعالى التدين الصحيح هو التواضع لله عز وجل والتواضع بين الناس وحسن الصلة بهم والإشفاق عليهم من الانحراف عن طريق الحق والتدين الصحيح هو صدق التوجه نحو طاعة الله في السر والعلانية وفي السر أكثر عندما تغمض العيون وتنام الأجساد وتسكن الألسنة إنه الحرص على الإنفاق وعلى التضحية وعلى البذل والعطاء والتدين هو أساسه مراقبة الله يكون على الحب والود والأخوة وصورته البسمة والكلمة الطيبة وسعة الصدر والقدرة على التحمل والصبر والمجاهدة والتدين هو التسامح والتواصل والتراحم وهو التواضع لله تعالى والتواضع للناس وحسن معاملتهم وحسن الصلة بهم والتدين هو فعل الخيرات الطيبات التي أمرنا الله عز وجل بها ورسوله الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام وترك المنكرات والفواحش التي نهى الله عنها والتدين هو الطمع في رحمة الله عز وجل ورضوانه وليس الطمع في متاع الدنيا وشهواتها فما عند الله خير وأبقى والتدين هو الطاعة لله ورسوله وأهل بيته الكرام فالتدين ليس وليس وليس هو الإهتمام بالمظهر الخارجي وترك الأهتمام بالجوهر الداخلي والتدين ليس هو الوجه العابس والقلب القاسي والاستعلاء المزيف على الناس والتكبر عليهم وإشعارهم بهبوط منزلتهم وقلة عملهم وإشعارهم بأنك تملك مالا يملكونه والتدين ليس هو القيل والقال وكثرة السؤال إنما هو العمل الخالص لله عز وجل وحده لا شريك له فالتدين هو الفطرة السليمة.
لماذا التدين ؟
1- من أجل ان لا نقع فريسة للاهواء والشهوات وحبال الشيطان.
2- من أجل ان تكون النوذج الامثل الذي اراده الله خليفة في الارض اني جاعل في الارض خليفة.
واستنتج سماحته من المحورين السابقين ان الكثير من الناس يعتقد انه متدين ولكنه لم يصل الى الوعي الكامل الذي يؤهله الى فهم التدين، والتدين هو سلوك ومعامله قبل ان يكون طقوس وعبادات، كذلك التدين اخلاق وقيم ومبادئ وفكر وثقافة تقود الى العلياء.
وينتج عن التدين الورع والخشية من الله بان الله حاضر في كل شئ، وان يكف الأذى عن الناس بالقول والفعل وان يكف عن المراوغة والخداع والنفاق للناس.
وذكر سماحته قصة صاحب نهر بلخ المؤثرة ولا تسعنا لذكرها.
وصنف في الاخير سماحة الشيخ شاكر المعلم المتدينين بثلاثة اصناف وهم: المتدين المتشدد وذكر لهذا الصنف قصة عاصم بن زياد، والمتدين المتهاون وهو الذي يحيي البعد الروحي في شخصية الإنسان، وهو الذي يميز الإنسان عن الحيوانات، ﴿إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾ لا يوجد عندها بعد روحي، بينما حقيقة الإنسان تحتوي على هذا البعد، فأنت بالروح لا بالجسم. وإذا انساق الإنسان خلف شهواته وترك التدين يكون كالأنعام. ، والمتدين الحقيقي وهنا يكون في حالة الردع عن الفحشاء والمنكر..
وهذه هي كربلاء كانت الشداد والمصائب تكون تمحيصا للناس في دنياهم للتمسك بالدين. وكربلاء (كرب وبلاء) هي مزيج من المحن والآلام الشديدة، وكانت أكبر اختبار تاريخي لأهل الحق والباطل لأجل أن يحددوا مواقفهم.
و كربلاء أرض البلاء، فهي موضع اختبار لإخلاص وفداء ومحبة أبي عبدالله عليه السلام وأهل بيته وأصحابه الذين تجلى جوهرهم الذاتي وبعدهم الرفيع ومدى صدق عقيدتهم وادعائهم، في بوتقة الآلام والشهادة والمحن والمصائب. وظهرت فيها أيضا ماهية أهل الكوفة وأدعياء نصرة الحسين، وانكشفت من خلالها حقيقة الحكام الأمويين تجاه سبط الرسول وحجة الله.
وقد أشار أبو عبدالله عليه السلام إلى دور البلاء في اكتشاف جوهرة التدين، ومدى الالتزام في خطابه في منزل يقال له ((ذي حسم)) أو في كربلاء -وفق رواية أخرى- حين قال: ((...إن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإن محصوا بالبلاء قل الديانون)).
وأي امتحان أشد من أن يرى حجة الله وهو محاصر من قبل أعدائه وهم يخذلونه طمعا في مغانم دنيوية أو خوفا من الموت. وعندما كان الإمام يطلب النصرة طوال مسيره ولا يلقى منهم رغبة في الجهاد أو قدرة على التضحية، كان يأمرهم بالابتعاد عن المنطقة ويقول: ((فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا (هلك) أكبه الله في نار جهنم)).
إضافة إلى ما تضمنته كربلاء من امتحان عظيم، فقد كانت في الوقت نفسه سببا للتقرب من الله وعلو الدرجة، كما اختُبر إبراهيم وإسماعيل بأمر الذبح، وكما أُمر إبراهيم بأن يترك ذريته بواد غير ذي زرع. واختبره الله أيضا بنار نمرود حين ألقي في سعيرها.
وقدم سيد الشهداء أيضا اثنين وسبعين قربانا إلى مسلخ العشق، وكان هو الذبح العظيم، وقربان آل الله، وتعرّض عياله في صحراء الطف لصنوف الأذى والعذاب والعطش.
وخرجوا كلهم من ذلك الاختبار بوجوه وضاءة، وكان كلام سيد الشهداء في اللحظات الأخيرة دليلا على الرضا والتسليم: ((إلهي رضا لقضائك وتسليما لأمرك)).
وهكذا يمكن أيضا النظر إلى عاشوراء من زاوية ((البلاء)) واعتبار ((الابتلاء)) تمهيدا لتجسيد البعد الإلهي لشهداء سبيل الله. وعلى زائر الحسين أن يجسد قي ذهنه صورة لجميع أنواع البلاء والشدائد والمصائب والخوف والعطش، وأن كربلاء أرض كرب وبلاء.
ثورة الحسين هي التي أحيت دين النبي.وقد بيّن أبو عبد الله هدفه وغايته من هذه الثورة بقوله: إنّما خرجت لأسير بسنة جدي، وآمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأقوّم الانحراف ليستقيم هذا الدين.
وهذه الحقيقة عبّر عنها أحد العلماء بالقول: "أنّ إحياء ذكراه إحياء للإسلام، وعبارة "أنا من حسين" المرويّة عن النبيّ، معناها أنّ حسين منّي، وأنا أحيا به.
واختتم المجلس الحسيني بنعي حسيني أدمعت العيون وأحزنت القلوب وأفاقت العقول التي ظلمت حسينا من أجل يزيد، وحضر المجلس جمهور غفير من محبي اهل البيت عليهم السلام.



التغطية المصورة (1)