محظوظ من تزوج في فترة الإنتخابات البلدية لهذه الدورة ، حيث امتلأت الشوارع باليافتات والإعلانات للحملات الإنتخابية ، وامتزجت إعلانات الزواج بإعلانات المرشحين ، فأصبحت المنطقة تعيش عرساً جماعياً ، فالقادم للمنطقة وهو لا يعلم بالإنتخابات ، يتسائل : هل المنطقة تعيش فترة أعراس غير طبيعية ؟
فالشوارع كلها إعلانات تحمل صوراً اعتدنا على رؤيتها في مناسبات الأعراس .
وبدأت أفكر جيداً في كل هذه الإعلانات للحملات الدعائية للمرشحين :
هل يوجد أحداً من المرشحين فكر بشكل علمي مدروس في التسويق الدعائي ؟
هل يوجد أحداً من المرشحين فكر في شكل الإعلان وتأثيره على المجتمع ؟
قد يكون أكثر المرشحين كَوَنَ لجنةً للحملة الدعائية والتسويقية ، وقد يكون من بين المكلفين مديراً للحملة الإنتخابية ، ومديراً للدعاية والإعلام والتسويق ، لكن لم يفكر أي أحداً في إيجاد متخصص في الإعلان ، وكلنا نعرف مدى تأثير الإعلان على الجمهور .
أعجبني بشكل كبير إعلانات المرشحين في الدمام ، طريقة العرض ، التصميم ، أماكن الإعلانات التي كانت برؤية واضحة ومدروسة .
ولو كان من طبيعة الإنسان أن لا يكون سوى مجرد فرد ، لكانت هذه الرغبة مبهمة ومجردة من المعنى ، ذلك لأن الإنسان بوصفه فرداً سيكون عندئذ كائناً كلياً ، سيكون كل ما يستطيع أن يكونه ، لأن رغبة الإنسان في أن يزيد وأن يكتمل ، تدل على أنه أكثر من مجرد فرد ، فهو يشعر بأنه لا يستطيع الوصول إلى هذه الكلية إلا إذا استولى على تجارب الآخرين ، التي هي بالقوة تجاربه هو , ومع ذلك فإن ما يعتبره الإنسان بمثابة ملكه المتوقع ليتضمن لما تستطيعه الإنسانية بجملتها ، والفن هو الأداة اللازمة لدمج الفرد بالمجموعة ، فهو يعكس قدرته غير المحدودة في الإتحاد بالآخرين ، وفي مشاطرتهم تجاربهم وأفكارهم .
نظرة سريعة لإعلانات الحملة الدعائية للمرشحين :
بنظرة أمل وتفاؤل ، يطل علينا المهندس نجيب السيهاتي في لوحته الدعائية بنظرة رجل جاد وعملي ، اللون الأزرق كان موفقاً جداً كخلفية هادئة مريحة للنفس ، غير مشتتة للرؤية ، رسالتها تصل للقارئ من بعيد ، التصميم كان موفقاً بنسبة عالية ، ويبدو أنه كان يشرف على التصميم شخص يفهم الحالة النفسية للجمهور .
وفي إعلان المهندس عباس الشماسي الذي يغلب عليه اللون الأبيض ، وكأنه يريد تذكيرنا وتنبيهنا ببياض قلبه ، وبساطته ، ليعكس ذلك البياض على رؤيتنا ، إلا أن اللون الأبيض كان بحاجة لكسر بسيط لجذب انتباه الجمهور ، مثلاً لو كان في الخلفية من جهة اليمين اللون الأخضر متدرج للبياض ، لتبرز الصورة بشكل جيد ، أو أنه كان يلبس شماغ ، فاللون الأحمر سوف يكون ملفتاً للرؤية ، الكلام المكتوب في الإعلان كان كثيراً ، مما سبب في عدم القدرة على قراءته ، فكان يكتفي بوضع عبارة مختصرة توصل الرسالة التي يريدها .
المهندس عبد العظيم الخاطر الذي بدا في إعلاناته أنه رجل رسمي بدرجة امتياز ، رجل لا يعرف الرمادية ، فالصورة الشخصية التي وضعت في الإعلان تدل على شخصية عملية جادة ، لكن اللون الأخضر كان داكناً جداً ، والمستطيل الأصفر الذي يحمل رقم المرشح كان صادماً ، وكأن المصمم يريد أن يلفت انتباه الجمهور للرقم بدرجة كبيرة ، على حساب الرسالة التي عنون بها الإعلان .
الأستاذ كمال المزعل الذي استهدف الصورة على حساب الرسالة ، بدا إعلان حملته مركزاً على الصورة الشخصية أكثر من كل شيء ، أكثر من رسالته الإنتخابية ، واعتمد على المعرفة بشخصه الكريم ، لم يوفق في اختيار الصورة الشخصية كثيراً ، حيث كانت الإبتسامة غير مكتملة ، ابتسامة يشوبها الحذر والقلق ، رغم أنها كانت المصدر الرئيس للإعلان ، فغابت عن الإعلان الرؤية أو الرسالة التي من المفترض أن تكون أكثر وضوح للجميع .
الشيخ عبد اللطيف النمر الذي ظلم نفسه بالإعلان ، سواد الإعلان كان مباشراً ، واللون الأصفر الذي كتبت به العبارة كان صارخاً ، وحجم الإعلان ومكان تواجده أضعفَ من قيمة الرؤية البصرية والنفسية للجمهور ، رغم أن اسم عبد اللطيف النمر مرتبط بالذهب والمجوهرات ، فكان من المتوقع أن يطرز إعلان الحملة بألوان الذهب ، ويكسو الإعلان أكثر إشراقة ونظارة من اللون الأسود ، الذي يعطي انطباع مستقبلي غير متفائل .
الأستاذ محمد الشيوخ الذي قارب للمهندس عباس الشماسي في نسبة البياض في الإعلان عن حملته الإنتخابية ، رغم جمال التصميم إلا أنه كان مزدحماً قليلاً بالكتابة ، مما شتت الرؤية عن الهدف المنشود ، إلا أنه كان موفقاً في جذب الإنتباه بالصورة الشخصية فقط .
البقية من المرشحين كان متردداً في حملته الإنتخابية ، فالبعض كان حذراً ومتذبذباً ، غير واثق من خوض التجربة ، فوضع إعلاناته بالطريقة التي يستخدمها المتزوجين في التعريف بزواجهم ، يافتة تعلق بين نخلتين ، أو تُعلق بين عمودين ، وهذا تشويه للطبيعة وللذوق العام ، كان يجب على البلدية أن تضع قيوداً على المرشحين في التعامل مع حملاتهم الإعلانية ، لتساهم الإنتخابات في الذوق العام والرؤية البصرية للمجتمع ، ونرى لوحات إعلانية تضيف جمال على جمال المكان .