شعار الموقع
لماذا تفشل بعض مشاريعنا الاجتماعية؟
علي آل يوسف 2011-07-20
عدد القراءات « 472 »

جبلت النفس البشرية على حب الكمال والرقي والنجاح في جميع المجالات فعمر الانسان الارض وأقام الحضارة وأسس لاجتماع مدني وتميزت المدنية المعاصرة على أنها قائمة على المشاريع الضخمة العملاقة إن كانت اقتصادية أم ثقافية وفكرية أم اجتماعية وما يهمنا هو هذا النمط الأخير الذي صار ملازما لعملية التنمية إذ اصبحت تقاس حضارة البلدان والدول بما تملك من مؤسسات ذات الطابع المدني وبما إننا جزء من هذا العالم كان لابد إن نخوض هذه التجربة بحلوها ومرها بإخفاقاتها ونجاحاتها والتي إن أحسنا تطبيقها ستخفف كثيرا من مشاكلنا على الرغم ان مؤسساتنا تسير بشكل بطيء متذبذب تارة صعودا وتارة هبوطا وانخفاضا ا ولذا فالمراقب للشأن الاجتماعي لايرى مؤشرا واضحا يستطيع فيه تحديد هوية وغاية هذه المؤسسة أو تلك وبالتالي تصاب بعضها بالعطب وأخرى بالشلل وثالثة تستنجد بالمجتمع ليقوم بعملية الإنقاذ ولربما يستجيب المجتمع في المرة الاولى والثانية والثالثة وفي حال استمرار النزيف والفشل سيصيب الافراد والجماعات بالإحباط وخيبة الأمل والعزوف عن كل ماهو اجتماعي فبدلا ان يكون هؤلاء الناس عونا وسندا لهذه الهيئة او تلك سيتحولون الى معرقلين ولربما محاربين لها لا سمح الله قال تعالى: ﴿ ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم ﴾. الأنفال "46"
وحتى نقف على بعض أسباب فشل المشاريع نورد الآتي: -

 أولا: - على مستوى الفكرة

ان أي مشروع يبدأ بفكرة وينتهي بتنفيذ تلك الفكرة على ارض الواقع ربما يقال ان الذي اطلق الفكرة وعمل لها العصف الذهني ونضجها هم فريق عمل مغاير للفريق التنفيذي وعليه نشدد ان لايفترق الفريق الذي فكر ونظر واتعب ذهنه عن الفريق الذي سيمارس الدور التنفيذي للمشروع نحن لا نعترض على التعاقب وتداول السلطة وإدخال الدماء الجديدة لأي مشروع ولكن بشروط وهو عدم نسف جهود الادارت السابقة والبدء من حيث انتهى الآخرون مع تنقية تجربتهم وتراثهم الإداري والفني بما يتلاءم مع ضرورات المشروع

 ثانيا: - على مستوى الغاية والاهداف

كل مشروع له دورة او بما يصطلح عليه في علم ادارة المشاريع "دورة حياة المشروع" بدءا من مسمى المشروع مرورا بغايته واهدافه وتصميمه وتخطيطه وتقييمه ونتائجه وانتهاء بالأثر النهائي الذي سيتركه على المجتمع على المدى البعيد فكثيرا من القائمين على المؤسسات الخيرية يفتقدون للأسلوب العلمي في ادارتهم للمشاريع إذ ان اغلبها تنطلق بحماس وبهمة عالية وسقف من التوقعات لا حدود له وبعد فترة من النجاح والازدهار ترى هذا المشروع او ذاك يخبو ويعتل ويصاب بالعديد من الامراض بل يختفي من الساحة وتسأل ما الذي أصابه فتأتيك إجابات متعددة متنوعة تقترب وتبتعد عن الحقيقة بابتعاد الافراد عن حقيقة فهم دورة حياة المشروع ولا يفهم من كلامنا ان المجتمع خاوي من العقول أوان هناك جدب في توليد الطاقات وصياغة الأفكار وصناعة الغايات والاهداف ولربما طبق فريق العمل وفي مفصل من مفاصل سير المشروع شيء من الأسلوب العلمي لكنه تجاهل وابتعد عنه في مفصل آخر فعلى سبيل المثال يصيغ فريق عمل المشروع أهدافه بدقة متناهية ويضع الخطط والبرامج والأنشطة وينفذها لكنه تغيب المتابعة والتقييم وإذا حصل فإنه يكون باهتا خجولا لا يقف على جوهر المعوقات والعقبات التي تعترض المشروع

 ثالثا: - على مستوى النوايا والحماس

لاشك إن كل آلة تحتاج الى وقود وان أفضل وقود لمشاريعنا الاجتماعية هو الحماس
لكن الحماس المدروس المنضبط حتى نضمن بقاء المتطوعين واستمرارهم في العطاء وايضا نضمن تسيير اعمال المشروع من خلال وعي ومعرفة لا من خلال أحلام وأوهام وبالتالي نضمن استدامة وبقاء المؤسسة نفسها إذ ان النوايا الطيبة الحسنة لا تكفي للتعويل عليها في البناء والتشييد وليس لدينا شك ان المتصدين للمشاريع الخيرية يقصدون الخير لمجتمعاتهم وانهم يضحون بجهودهم وأوقاتهم على حساب راحتهم وراحة أسرهم وعوائلهم

 رابعا: - على مستوى الوعي بوجود مشكلة

أردنا أن نقول إن هناك خلل في مؤسساتنا الأهلية عندما تقوم بتنفيذ مشاريعها ربما تسير وتمضي سنوات طويلة دون أن تعي الادارات المتعاقبة إن هناك خلل ومعوقات تحول دون تطور هذا المشروع أو ذاك ناتج عن عدم فهم طبيعة العمل المؤسساتي بل قد تلجأ بعض الإدارات لترحيل قسم من مشاكلها للإدارات التي تليها ومن ثم إلقاء اللوم والتهم بالتقصير عليها أو بالعكس فإن نوع من الإدارات يسقط فشله وإخفاقاته على الادارت السابقة في تعثر البرامج والأنشطة وإذا أضفنا عوامل أخرى في تعثر وإخفاقات مؤسساتنا الأهلية مثل غياب المساءلة والرقابة والمحاسبة والشفافية فإننا قد ننتظر طويلا لانتشالها من واقع بائس إلى مستقبل مشرق

وختاما فإن العمل التطوعي يقتضي المزاوجة بين أسلوب الخير ودفع الناس الى الالتفاف والمساهمة بكل إشكالها لدعم الأنشطة وبين تطبيق الأسلوب العلمي في تنمية هذه المشاريع لكي نحول دون زهد الطاقات والكفاءات المخلصة لإدارة دفة هذه الهيئات من جهة وعزوف المجتمع عن التفاعل أو المساهمة في أي عمل تطوعي من جهة أخرى.

قال النبي محمد  «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه».