الزواج الميسر
( الجزء الأول -رقم 1- " ثمرات الزواج" )
إن للزواج آثاراً مُتعدة منها :
1- الطهارة المعنوية :
الزواج حصن منيع يـأوي الإنسان ليصونه من الانزلاق في مهاوي الشيطان ‘ ومن خلاله يتقي الأزمات والتحديات المتعددة‘ التي اجتاحت الفرد والعائلة والمجتمع‘ والمتمثلة في الإغراءات‘ حيث تتجلى لنا في كل يوم بثوب جديد.. لنجدها في الطريق والتلفاز وفي وسـائل الإعلام وفي عالم الإنترنت.. وغير ذالك‘ وهي تهدف إلى الإفساد‘ وإلى سلب منابت التدين والالتزام الكامنة في النفوس ونزعها .
إن الوقوف أما هـذا الطوفان الجارف الذي يُهدَّد كياننا الأسري والعائلي‘ يدعونا إلى أن نتَّخد الإجراء الوقائـي الذي من شـأنه أن يقينـا تبعاته السـلبية وإفرازاتـه السـيئة، فـدرء الخطـر وتفعيل الحـذر من اللـوازم الأساسـية التـي تمليهـا علينا
مسـؤو ليتنا ، وهـي تتمثل في تفعيل الــوازع الدينـي ( الورع )، فهـو الباعث على الصمود والثابت أمام التحديــات النفسيـة وتجـاه الإغراءات الشـيطانية التي تحيط بالإنسـان من كل حدب وصوب .
الخوف من الله هو صمام الأمان ؛ إذيصوننا مـن ضربات شـياطين الإنس والجن ، حتى وإن تكاثرت وسـائلها وتعـددت حبائلها ، قال تعالى :
(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40-41))(1)
وعلـى المسـتوى العملي : فإننـا بحاجـة ماسـة أن نحقق العفة والصيانة لأنفسـنا وذلك عبر الزواج ، فهو أَمْـنٌ من غارات الهـوى ‘ ووقاية من إغراءات إبليس التي نصبها في كل مكان وزمان .
في الحديث الشريف عن النبي (ص) ((من أحبّ أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة)) (2)
وعن أبي عبدالله (ع) قال : ((قال رسول الله (ص) : من تزوَّج أحرز نصف دينه)) ( 3)
وقال عليه السلام : ((ركعتان يصليهمـا المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب)) (4)
وقال النبي (ص): ((ركعتان يصليهمـا متزوج أفضل من رجل عَزَبِ يقوم ليله ويصوم نهاره)) (5)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((رُذَال موتاكم العزاب)) (6)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((المتزوج النائم أفضل عندالله من الصائم القائم العزب)) (7)
(1) سورة النازعات ، الآية 40-41
(2) وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 18
(3) وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 18
(4) وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 18
(5) وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 20
(6) وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 20
(7) ميزان الحكمة، ج4 ص 272
2- السكينة والاستقرار :
السكينة من علامات الراحة النفسية ، وهـي مُؤدِّية إلى تحقيق الاطمئنان والاستقرار في النفس ‘ ووجودها يسـتلزم اتِّباع النظم الإلهية المتمثلة في الفرائض والواجبات والأوامر والنواهي ، والعمل بها يحقق للإنسان سعادة واستقراراً . وقد أشـار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في مواطن عديدة منها:
قوله تعالى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2)) (1)
قوله تعالى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (3))(2)
قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)) (3)
كمـا أن الإخلاص بهـذا النظام يسـتوجب اختلالاً في حياة الإنسان و المجتمعات ؛ إذتكون نهزة للأزمات والنكبات ،
قال تعالى :
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)) (4)
و قال تعالى :
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا (13)) (5)
وقال تعالى :
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)) (6)
وقال تعالى :
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)) (7)
فحلـول النقم ، ونزول البلاء ، وحبس البـركات ، ومنع إجابة الدعاء .. هـي نتائج طبيعية للعزوف والإعـراض عن أوامـر الله تعالى وتعاليمه .
الزواج استقرار :
الطريف هنا أن القرآن الكريم في هذه الآية :
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
(21)) (8)
جعل الهـدف من الزواج الاطمئنان والسكون ، وأبان مسـائل كثيرة في غزير المعنى
( لتسكنوا )
والحق أن وجود الآزواج مع هذه الخصائص للناس التي هي أساس الاطمئنان في الحياة ، هو أحد مواهب الله العظيمة .
وهذا السكن أو الاطمئنان ينشأ من أن الزوجين يكمل بعضهما بعضاً ، وكلٌّ منهما أساس النشاط والنمـاء لصاحبه ، بحيث يُعَدُّ كل منهما ناقصاً بغير صاحبه ...
ولايمكن أن ننكـر الأمـراض التـي تنشأ في الجسم في حالة عـدم الزواج ، وكذلك عدم التعـادل الروحـي والاضطراب النفسي عند غير المتزوجين .
ثم إنَّ الأفراد العزَّاب لا يُحسون بالمسؤولية من الناحية الاجتماعية كثيراً ، ولذلك فإن الانتحار يزداد أمثال هؤلاء أكثر ، كما تصدر منهم جرائم مهولة أكثر من سواهم أيضاً .
وحين يخطو الإنسان من مرحلـة العزوبة إلـى مرحلة الحياة الأسـرية يجد نفسـه شخصية جديدة تشعر بالمسـؤلية أكثر ، وهذا معنى السكن والاطمئنان في ظل الزوج(9)
________________________________________
(1) سورة الطلاق ، الآية 2
(2) سورة الطلاق الآية 3
(3) سورة الجن الآية 16
(4) سورة الشمس من الآية 11 حتى 15
(5) سورة الجن الآية 13
(6) سورة القصص الآية 58
(7) سورة النور الآية 63
(8) سورة الروم الآية 21
(9) تفسير الأمثل آية الله مكارم الشيرازي ‘ ج 12 ‘ ص 452