الدكتور جعفر التوفيق - استشاري الأمراض الباطنية والأمراض المعدية والسارية
هذا السؤال يتم طرحه حين يتناقش الناس حول أمراض هذا العصر والأمراض في ما مر من الزمان، فعلى الرغم من التقدم الملحوظ في مجال الأبحاث والعلاجات الطبية خلال القرن الواحد والعشرين، إلا أن الأمراض المعدية لا تزال سبباً رئيساً لحدوث الوفيات، في جميع أنحاء العالم. ويعزى هذا لأسباب ثلاثة، هي: أولاً- ظهور أمراض معدية جديدة. ثانياً- عودة ظهور الأمراض المعدية القديمة. وثالثاً-استمرار الأمراض المعدية المستعصية الحلول.
الأمراض المستجدة تشمل تفشي أمراض لم تكن معروفة سابقاً، أو زيادة عدد حالات الإصابة لدى البشر بأمراض معروفة ولكنها عادت إلى الظهور بعد انخفاض كبير في معدل الإصابة. وتعزى هذه الزيادة خلال العقدين الماضيين إلى البحوث المبتكرة والتي أدت إلى تحسين طرق التشخيص والكشف.
إن البحوث المبتكرة وتحسين وسائل التشخيص خلال العقدين الماضيين أدت إلى الكشف عن عدد من مسببات الأمراض البشرية لم تكن معروفة سابقاً. فعلى سبيل المثال لا الحصر أمكن العثور على مسببات القرحة المعدية المزمنة، التي كان يعتقد سابقاً أن سببها الإجهاد أو اتباع حمية ما، حيث تبين أن السبب هو عدوى بكتيرية تصيب المعدة.
من جهة أخرى فإن أمراض معدية جديدة تستمر في التطور و «الظهور». وهذا الظهور هو نتيجة تغيرات في التركيبة السكانية البشرية، والسلوك، واستخدام الأراضي الجديدة وغيرها. إن هذه السلوكيات تسهم في ظهور مرض جديد عن طريق تغيير ديناميات انتقال المرض بحيث يكون البشر على اتصال أوثق وأكثر تواتراً مع مسببات الأمراض. بالتالي فقد يتم التعرض للحيوان أو الحشرات المفصلية الناقلة للأمراض والمثال الأكثر وضوحاً هو إنفلونزا H1N1، وقد أسهمت زيادة التجارة في الحيوانات الغريبة واستخدامها كحيوانات أليفة وكمصادر للغذاء لارتفاع الفرصة لمسببات الأمراض للقفز من المستودعات الحيوانية إلى البشر.
بالإضافة إلى الاكتشاف المستمر لأمراض بشرية جديدة ، فإن أمراضاً معدية قديمة قد بدأت في الظهور مرة أخرى. الاختلافات الوراثية الطبيعية، أوالاندماج الوراثي للجينات أو تأقلم الميكروبات جينياً، تسمح بظهور تعديلات جينية، وبالتالي ظهور سلالات جديدة من الميكروبات المعروفة سابقاً، ولكن على شكل جديد، والتي لم يتعرض لها الجهاز المناعي في السابق، وبالتالي فالجسم البشري غير قادر على التعرف عليها مباشرة (مثل الإنفلونزا الموسمية). وعلاوة على ذلك، فإن السلوك البشري يلعب دوراً مهماً في ظهور أنواع جديدة من الميكروبات.